لم يعد هناك مجال للجدل حول أن أوسكار تاباريز يستحق عن جدارة فصلاً كاملاً في تاريخ كرة القدم بأوروجواي، إلا أن مضمون الجزء الأكبر من هذا الفصل ما زال يتعين كتابته، وهو يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما ستؤول إليه الأمور في المراحل الأخيرة من نهائيات كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA.
أمّا الأسباب التي تؤهله لهذا التكريم فهي بادية للعيان ولا يختلف فيها اثنان. ففي بداية عمله على رأس الطاقم الفني للمنتخب تمكن المايسترو من تأهيل الفريق إلى دور الستة عشر في إيطاليا 1990 قبل أن يستطيع أصحاب الأرض وقف زحفها. واليوم، في عهده الثاني، ها هو يوصلها إلى ربع النهائي للمرة الأولى منذ 40 سنة. وإذا تمكنت الكتيبة الأوروجوايانية من بلوغ المربع الذهبي في جنوب أفريقيا فسيمثل ذلك أكبر انجاز تحققه منذ مونديال المكسيك عام 1970، الذي سقطت فيه في نفس المرحلة أمام المجر لتخرج في النهاية بالمركز الرابع.
وحول آمال أوروجواي في جنوب أفريقيا، يقول تاباريز (63 سنة) بنبرة ودية في تصريحات أدلى بها لموقع FIFA.com: "بطبيعة الحال سيكون من الرائع المضي قدماً في البطولة، وحتى إذا أراد أحد ألا يفكر في ذلك فإنه لن يستطيع. وفيما يخصني أنا فإني أحاول رغم ذلك ألا أفقد التركيز، وهي النصيحة ذاتها التي أسديها للاعبي المنتخب. كل شيء في نهاية المطاف يتوقف على ما يقوم به المرء على أرض الملعب."
وليس تاباريز في منأى من مشاعر الحماس المتأججة والنشوة العارمة التي أثارها أداء لاعبيه في صفوف المشجعين في أوروجواي، وقد علّق على ذلك قائلاً: "في وطني ما زال هناك من يعتقد أن الإحتفال لا يكون إلا بحصد الألقاب، وهذا موقف غير صائب في عالم كرة القدم اليوم المتميز بالتنافس المحتدم. لهذا السبب، يبدو لي رائعاً أن يخرج المشجعون إلى الشوارع ويحتفلون بما أنجزناه حتى الآن. لكن علينا نحن أن نحافظ على تركيزنا."
ولا يجد المدرب كذلك غضاضة في الحديث عن المقارنة بينه وبين المدربين اللذين تمكنا من الفوز بكأس العالم، ويقول بهذا الخصوص: "تكمن المسألة في أنه يتم دائماً وعلى مر التاريخ وضع آمال كبيرة على أوروجواي، وبسبب خيبة الأمل في بطولات سابقة أخذ أداؤنا في المونديال الحالي أهمية خاصة. يفضل المرء تحاشي المقارنة مع منتخبينا في العامين 1930 و1950، إلا أن احتمال إدراكهما سيبقى متاحاً لنا لو أننا حققنا الفوز على غانا. لهذا أفهم جيداً كون مباراتنا ضد غانا تحولت هناك في أوروجواي إلى أهم لقاء يخوضه المنتخب منذ عقود، بيد أني لا أعتقد أن هذا يمثل ضغطاً إضافياً."
منافس يتطلب توخي أقصى درجات الحيطة والحذر
وفي معرض تحليله لمنتخب غانا يأخذ تاباريز مباراة أوروجواي أمام جنوب أفريقيا كنقطة انطلاق لهذا التشخيص، ويؤكد أن "كافة المنتخبات الأفريقية لديها أمر مشترك يتمثل في سرعة اللاعبين وقوتهم البدنية. وفي هذه الحالة أعتقد أن غانا لديها لاعبون أحسن من لاعبي منتخب جنوب أفريقيا، كما أن لياقتهم البدنية أفضل لكن مع سرعة أقل، ولهذا سنجري التعديلات الضرورية. بعد ذلك يأتي عامل الحافز النفسي، إذ أنهم لا يصبون للوصول فقط إلى ما لم يسبق أن وصل إليه أي منتخب غاني من قبل، بل القارة الأفريقية بكاملها تقف معهم. من دون شك سنواجه مصاعب جمة."
وبخصوص الملاحظة حول أن استحواذ أوروجواي على الكرة في مباراتيها الأخيرتين كان أقل من منافسيها، قال المدرب: "هذا لا يقلقني، فإذا أخذت جانباً آخر من الإحصائيات ستجد أن عدد الكرات التي سددناها على مرمى الخصم كان أكثر. لا أنكر أنني كنت أفضل الإستحواذ على الكرة وقتاً أطول لأن ذلك يعني أنك المسيطر على مجرى اللعب ولا تعتمد كثيراً على خط دفاعك. إلا أن الأهم في كل الحالات هو تغطية جيدة للمناطق الأكثر خطورة."
وبدأت لغة الكلام في النفاد ولم يعد يفصل بين المجد المطلق من عدمه سوى خطوات قليلة، ويدرك المايسترو ذلك تماماً ويقول: "طبعاً، ستخرج أوروجواي إلى الملعب مصممة على كسب النزال، لأن الهزيمة أمام غانا تعني توديع المونديال. عشنا وضعاً مماثلاً أمام كوريا الجنوبية وعرف المنتخب كيف يستجيب للتحدي. لكن لا أحد يعرف ماذا يخبئ لنا هذا اللقاء. إن فرصة صناعة التاريخ من جديد متاحة أمامنا، وسنبذل كل ما في وسعنا من أجل اقتناصها."
