لا بد أن يكون فريق تلقى مرماه هدفا واحدا في كأس العالم جنوب أفريقيا 2010 FIFA وبقي نظيفا قبل أربع سنوات في ألمانيا، قادرا على ان يذهب بعيدا في الدورة... هذا لا ينطبق على سويسرا! ففي العام 2006 توقفت المسيرة السويسرية في دور الـ 16، وهذه المرة لم يتمكن السويسريون حتى من تخطي الدور الأول، على الرغم من تحقيقهم رقما قياسيا في اللعب في كأس العالم مع الاحتفاظ بالشباك نظيفة.
إقصاء من دون تلقي هدف
في ألمانيا أثبت الجدار السويسري أنه غير قابل للخرق، واجتاز الفريق الدور الأول من دون أن تهتز شباكه. وفي الواقع احتل السويسريون وفتها صدارة مجموعتهم بفوزهم 2-0 على كل من توجو وكوريا الجنوبية وتعادلهم مع فرنسا سلباً. غير أن قصورهم في تسجيل الأهداف الذي كان وراء سقوط فريق المدرّب اوتمار هيتسفيلد في جنوب أفريقيا، كان قاتلا للسويسريين في دور الـ 16 أمام أوكرانيا عام 2006. فبعد 120 دقيقة سلبية في كولن، سقطت سويسرا بركلات الجزاء الترجيحية بعدما أضاعت ركلاتها الثلاث الأولى!
بعد أربع سنوات من ذلك، بدا المشهد في جنوب أفريقيا أكثر إشراقا للسويسريين، خصوصا بعدما بدأوا الدورة بفوز مثير على المنتخب الأسباني الذي بدا قبل ذلك وكأنه لا يُقهر. وقد سقط أبطال أوروبا الحاليون أمام فريق يملك مقاومة دفاعية منظمة وقدرة على شن الهجمات المرتدة عندما تسنح الفرصة لذلك. لكن المباراة الثانية أمام تشيلي كانت مختلفة تماماً. فبعد طرد فالون بهرامي بُعيد لحظات من نصف الساعة الأول، أمضى اللاعبون السويسريون العشرة بقية وقت المباراة يدافعون عن مرماهم بشراسة. وبعدما حقق رجال هيتسلفيد رقما قياسيا مقداره 558 دقيقة في كأس العالم من دون تلقّي هدف، تلقوا في أواخر المباراة هدفا من غير أن يتمكنوا من الرد. وقال المدرب بعد إقصاء فريقه: "المباراة امام تشيلي كانت نكسة لم نتعاف منها إطلاقا".
"لم يكن جائزاً أن يحصل ذلك"
دخل السويسريون مباراتهم مع هندوراس ومصيرهم في أيديهم، إذ كانوا يحتاجون إلى الفوز بفارق هدفين للتأهل إلى الدور الثاني. لكن هذا الأمر لم يكن في متناول السويسريين، بل إن منجزات حارس المرمى دييجو بيناليو وحدها هي التي منعت الفريق الآتي من أمريكا الوسطى من خطف الفوز من الهجمات المرتدّة السريعة. وقال المدافع ستيفان غريشتينج بعد المباراة: "في الفترة الأولى من المباراة إرتكبنا الكثير من الأخطاء . هدفنا كان بلوغ دور الـ 16، وعدم حصول ذلك أمر مخيّب. لم يكن جائزا أن نهزم اسبانيا ومع ذلك نفشل في التأهل".
ليس من الصعب تحديد مكامن الضعف التي تقف وراء فشل فريق لم يدخل مرماه إلا هدف واحد لكنه لم يسجل إلا هدفا واحدا في المقابل. وثمة توافق في صفوف الفريق وفي البلاد على أن الأداء الهجومي للمنتخب الوطني ليس لائقا بكأس العالم. وقال ساعد الدفاع ترانكويللو بارنيتا: "التمريرة النهائية غالبا ما كانت ضائعة، ولم نصنع إلا القليل من الفرص الصريحة". وأضاف الظهير شتيفان ليخشتاينر: "لم نتوقف عن الجري لكن ذلك لم ينتج شيئا. لا يمكنك أن تتوقع مواصلة الرحلة إذا سجلت مرة واحدة في ثلاث مباريات". ورأى ليخشتاينر أن الخطة البديلة "ب" لم تنجح بدورها، "لقد رفعنا الكثير من الكرات وجربنا بضع الكرات الثابتة. عادة نسجل بانتظام من الركلات الركنية والركلات الحرة".
أرقام تقول شيئاً
تُظهر أرقام المباريات الصعاب التي يواجهها السويسريون في تهديد شباك خصومهم. فقد سددوا تسع كرات فقط في 270 دقيقة لعباً. وهذا رقم لم يسجل أدنى منه إلا أربعة فرق أخرى مشاركة في كأس العالم. ولا شك في أن هذا العقم الهجومي جعل هيتسفيلد ياسف لغياب ماركو شتريللر المصاب الذي سجل 21 هدفا في 29 مباراة في الدوري مع فريق إف سي بازل. وقال المدرب في هذا السياق: "كان ماركو في قمة مستواه عندما اضطر للانسحاب".
والحقيقة أن النواقص السويسرية لا تنحصر في إنهاء الفرص، فبناء الهجمات كان بدوره دون المستوى. والدليل أن تمريراتهم الناجحة نسبتها 68 في المئة، وهذا يجعلها في الثلث الأدنى على مستوى الدورة كلها، في حين أن نسبة البرازيل هي 84 في المئة، أسبانيا 80 في المئة، الأرجنتين وألمانيا 78 في المئة. واللاعبون يعون المشكلة، "فإذا لم نمرر الكرة بدقة أكبر لا يمكننا أن نفوز بمباريات كهذه"، يقول بارنيتا ويضيف: "بلعبنا هذا لم نكن نستحق الذهاب أبعد".
أمل جديد
على الرغم من ذلك كله، هناك أمل بأيام أكثر إشراقا في المستقبل بعد فوز السويسريين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بكأس العالم نيجيريا 2009 FIFA للاعبين دون 17 عاماً. ومستقبل كرة القدم السويسرية يتوقف على تطوير لاعبين مثل بنجامن سيجريست، هاريس سيفيروفيتش، نسيم بن خليفة، وأوليفر بافّ. بدوره، ينظر هيتسفيلد إلى المستقبل يإيجابية ويقول: "علينا أن نعود إلى البلاد ورؤوسنا مرفوعة حتى ولو لم نتمكن من التقدم إلى دور الـ 16. علينا أن نبدأ من جديد. في سبتمبر/أيلول نبدأ حملة التصفيات لكاس أوروبا في مواجهة إنجلترا".
