شارك لوكاس راديبي قائد منتخب جنوب أفريقيا السابق موقع FIFA.com بآرائه حول مجريات كأس العالم FIFA حتى الآن. حيث امتدح تنظيم البطولة وتحدث بتفاؤل كبير عن الإرث الذي ستخلفه للقارة السمراء. إلا أنه انتقد أداء المنتخبات الأفريقية، وإهدار عناصر بافانا بافانا للفرص أمام المرمى، وطالب بتغيير الكادر التدريبي لمنتخب بلاده الوطني.
موقع FIFA.com: قيل الكثير عن النسخة الأولى من كأس العالم FIFA التي تُقام على التراب الأفريقي وبالتحديد في بلادك. ما هي انطباعاتك عن البطولة حتى الآن؟
لوكاس راديبي: أعادت كأس العالم الشعور بالفخر للأفارقة الذين يشعرون بالإعتزاز بكل ما تم إنجازه في هذه البطولة. كان حفل الإفتتاح ساحراً، بينما كان الحضور في جميع المباريات عظيماً. بالنسبة لي، كان كل شيء رائعاً ومثالياً. إن مشاهدة جميع تلك المنتخبات القوية بنجومها من اللاعبين إنما هو أمرٌ مدهشٌ لمواطني بلادي. وأعتقد أن الأيام الأخيرة من البطولة ستكون مثيرة إلى أبعد الحدود.
بذل منتخب جنوب أفريقيا جهوداً جبارة في مباراته الأولى أمام المكسيك في ملعب سوكر سيتي ونال الإستحسان من الجماهير والمراقبين. ما الذي تغيّر في مباراته الثانية أمام أوروجواي وقلب الموازين؟
من الواضح أن المنتخب حقق انطلاقة جيدة في البطولة. أعتقد أن الجميع كان على دراية بأن المباراة أمام المكسيك ستشكل الإمتحان الأصعب بالنسبة لجنوب أفريقيا، وكدنا أن نحقق الفوز. لم تكن اللمسات الأخيرة على الهجمات جيدة طوال البطولة. ففي منافسات على هذا المستوى، يجب على اللاعبين القول عندما تُتاح أمامهم فرصة للتهديف ومن ثم استغلالها وهز الشباك ببساطة. ليس هناك مجالٌ لتضييع الفرص. لا أريد الحديث عن المباراة مع أوروجواي حيث إني أعلم أن الكثير من مواطني جنوب أفريقيا يودون لو يُمحى ذلك اللقاء من ذاكرتهم.
يجب أن نثق بمدربينا المحليين. إننا بحاجة إلى وضع هيكلية كاملة لكي نرفع من شأن كرة القدم في بلادنا ونوصلها إلى مستويات جديدة.
لوكاس راديبي
سيتم توجيه أصابع الإتهام بطبيعة الحال بعد انتهاء البطولة حول فشل منتخب جنوب أفريقيا. لكن ما هو برأيك جذر المشكلة التي جعلت أداء المنتخب ليس على أفضل ما يرام خلال السنوات القليلة الماضية؟
عليّ أن أقول أول الأمر أني مستاءٌ جداً مما حصل. كان يحدونا أملٌ كبير في الوصول إلى الدور الثاني. تكمن المشكلة في أننا أهملنا تطوير الهيكلية الكروية. ربما فشلنا فعلاً في اختيار الأشخاص المناسبين في الكادر التدريبي للمنتخب الذين يكونون مطلعين على فلسفتنا الكروية وقادرين على إيصالنا للمكان الذي نبتغيه. لقد فزنا بكأس الأمم الأفريقية عام 1996 وكان يدير دفة المنتخب مدرب جنوب أفريقي هو كليف باركر الذي كان يفهم اللاعبين جيداً. وعندما خضنا كأس العالم عام 2002 كان المدرب جنوب أفريقي أيضاً هو جومو سونو وكدنا آنذاك أن نتأهل إلى أدوار خروج المغلوب ولكن لم نتمكن من ذلك في النهاية بسبب فارق الأهداف. يجب أن نثق بمدربينا المحليين. إننا بحاجة إلى وضع هيكلية كاملة لكي نرفع من شأن كرة القدم في بلادنا ونوصلها إلى مستويات جديدة.
من الذي تعتقد أنه سيخلف كارلوس ألبرتو بيريرا في مهمة تدريب بافانا بافانا؟
هذا سؤال تصعب الإجابة عليه، لكني أعتقد أنه يجب اختيار مدرب وطني. لقد قلنا مراراً منذ مدة طويلة أننا بحاجة إلى مدرب يفهم لاعبينا وثقافتنا جيداً. يجب أن نمنح المدربين الجنوب أفريقيين الثقة. لست بالطبع ضد إشراك شخصية أجنبية في كادر المنتخب، لكن لا يجب أن يُناط بهذه الشخصية مهمة التدريب، بل ربما تكون جزءاً من الكادر الفني. يشرف على مجموعة من أفضل منتخبات العالم مدربون وطنيون، فلماذا لا يكون الأمر على هذه الشاكلة عندنا؟
شاركتَ في نسختين من كأس العالم FIFA عامي 1998 و2002. ما هي اللحظة الأهم بالنسبة لك في هذا المحفل الكروي العالمي؟
تسهل الإجابة على هذا السؤال. تتجسد تلك اللحظة عندما سجلت هدفاً في شباك أسبانيا في مباراتنا الأخيرة في مرحلة المجموعات عام 2002 (يضحك). لكن دعني أقول أن تمثيل بلادي كان أمراً مشرّفاً بالنسبة لي، وقيادة المنتخب الوطني في نسختين من كأس العالم سيظل نقطة مضيئة في مسيرتي الكروية. وبغض النظر عن حصيلة مشاركتنا، كان مجرد وجودنا في فرنسا 1998 أمراً مميزاً، فقد كانت المرة الأولى التي تتمثل جنوب أفريقيا في المونديال. لكني أعتقد أننا استمتعنا باللعب عام 2002 أكثر. فقد سهّل المدرب جومو المهمة علينا وكان شخصاً رائعاً، إلا أن الحظ لم يُحالفنا.
في بعض الأحيان يخيب أمل اللاعبين بسبب الإدارة السيئة للفريق. كانت البطولة بمثابة فرصة عظيمة للمنتخبات الأفريقية لكي تُظهر قدراتها لكنها واجهت الكثير من المشكلات.
لوكاس راديبي
يبدو أن المنتخبات الأفريقية تعاني من بعض المشاكل ولم تقدّم ما كان منتظراً منها. ما هو السبب في ذلك برأيك؟
كانت استعدادات المنتخبات الأفريقية للبطولة سيئة فعلاً. وبصراحة فإني أعتقد أن المشكلة كانت في التنظيم. ففي بعض الأحيان يخيب أمل اللاعبين بسبب الإدارة السيئة للفريق. كانت البطولة بمثابة فرصة عظيمة للمنتخبات الأفريقية لكي تُظهر قدراتها. عانت فرق القارة السمراء من الكثير من المشكلات، حتى أن بعضها عيّن مدربين قبل أشهر قليلة من البطولة، وهو أمرٌ لم يعد بالفائدة أبداً. الجميع كان ينتظر من منتخبات كنيجيريا أن تُبلي بلاءً حسناً، لكن إذا راقب المرء أداء هذا المنتخب، فإنه سيجد أن عناصره لعبوا بشكل فردي وغابت روح الفريق. أما غانا فقد أظهرت أداءاً ممتازاً ويتجسّد فيها أمل أفريقيا بالمضي قُدماً في البطولة. بينما واجه منتخب كوت ديفوار مجموعة صعبة للغاية، ولهذا لن أكون قاسياً في الحكم عليه. وبالنسبة إلى الكاميرون، فقد ظهر فريقها بشكل باهت ولم يكن أداؤه جيداً بشكل كافٍ. وبالإجمال، لم تُحسّن الفرق الأفريقية من قدراتها ومهاراتها.
قيل الكثير عن فوز منتخب أفريقي بكأس العالم 2010 FIFA. لكن فعلياً وعلى أرض الواقع، ما هو أفضل ما ننتظره من فرق القارة السمراء في بطولة هذا العام؟
كما قلتُ سابقاً، لدى غانا فرصة ممتازة للتقدم في البطولة. لقد وصلت النجوم السمراء إلى أدوار خروج المغلوب وبالتالي فإن السيناريو مفتوح على جميع الإحتمالات. إن أفريقيا برمتها تأمل أن تستمر غانا لترفع علم القارة عالياً في البطولة. لكن من المؤسف أن منتخباً أفريقيا واحداً فقط وصل إلى هذه المرحلة.
بالعموم، ما هو الفريق الذي استحوذ على إعجابك في هذه البطولة؟
أعتقد أن أسبانيا قادرة على الفوز باللقب. صحيحٌ أنها خسرت مباراتها الأولى، لكن منتخبها يضم لاعبين بمهارات كبيرة قادرين على اللعب بشكل جيد جداً. يصعب فعلاً توقع النتائج في هذه النسخة من كأس العالم. لكني أظنّ أن أسبانيا قد ترفع الكأس وربما تتواجه مع الأرجنتين في المباراة النهائية.
أنت تعمل عن قرب في مجال تطوير اللعبة والجانب الإنساني منها. وقد قمتَ الأسبوع الماضي بزيارة إحدى قرى SOS للأطفال، هل لك أن تطلعنا على تفاصيل تلك الزيارة؟
لقد سعدت بخوض غمار كرة القدم في أهم المحافل العالمية، وأعتقد أنه من خلال هذه النشاطات يمكنني أن أردّ جزءاً من الدين لمجتمعي المحلي. إني سعيد لكون FIFA اختارني للمشاركة في العديد من مثل هذه المشاريع. تكمن إحدى أولوياتي بأن أترك أثراً لدى أكبر عدد ممكن من الأشخاص. إننا نرغب بأن نمنح الأطفال الفرص لكي يكونوا قادرين على الإعلاء من شأن مجتمعاتهم المحلية.
أخيراً، ما هو الإرث التي تودّ أن تخلفه بطولة كأس العالم FIFA لدى الشعوب الأفريقية، وهل تعتقد أنه من الممكن تحقيق ذلك؟
للإجابة على هذا السؤال يكفي أن ينظر المرء إلى الملاعب والبنية التحتية والطرقات في جنوب أفريقيا. لكن وبمعزل عن ذلك، أعتقد أن هذه النسخة من كأس العالم ستغيّر نظرة الأفريقيين للأمور. إنها ستلهم الكثير من النفوس في القارة السمراء وتكون بمثابة فجرٍ جديد في قارتنا.
