يعتبر كارلوس ألبيرتو باريرا أكثر المدربين مشاركة في نهائيات كأس العالم FIFA، إذ سجل في دورة جنوب أفريقيا 2010 سادس حضور له في المونديال. رغم ذلك تحدث الرحالة البرازيلي الشهير بكثير من الحماس عن تجربته في بلاد البافانا بافانا، وأعرب عن ثقته في التأثير الإيجابي لهذه التظاهرة على كرة القدم في جنوب أفريقيا.
وقد خص باريرا موقع FIFA.com بحوار حصري تحدث فيه عن مسيرته مع منتخب بلد الضيافة، وأعطى فيه بعض النصائح من أجل تطوير كرة القدم في هذا البلد. كما أكد أن المهارات والفنيات تفوقت في هذه الدورة.
سيد باريرا، في البداية، ما هو انطباعك العام حول كأس العالم؟
إن الحياة تجربة فريدة. فكل من شارك في نهائيات ألمانيا ودع الدورة الماضية وهو واثق أن من الصعب تكرار كأس بذلك المستوى، إذ عمل الألمان من أجل أن تكون الأمور كاملة، لاسيما فيما يخص التكنولوجيا والتنظيم والبنيات التحتية والجدية، لذلك اعتقدنا أنه من الصعب رؤية كأس عالمية بهذا الشكل من جديد. ثم جاءت الكأس العالمية إلى القارة الأفريقية، وكانت المفاجأة عامة. إذ ساعدت الملاعب ومراكز التمارين والفنادق والجو في بلوغ كأس عالمية بهذا المستوى الرفيع.
وما هو رأيك في مستوى المنتخبات حتى الآن؟
لقد كان المستوى الفني جيدا لحدود الساعة، لأننا مازلنا نعتمد على المهارات والفنيات في كرة القدم. إذ تعتمد كرة القدم، عكس ألعاب القوى والسباحة وغيرها من الرياضات، على المهارات والفنيات بشكل كبير. وقد أثبتت الدورة أن القوة والسرعة عاملان مهمان، لكنهما ليسا حاسمين، وإلا فسيكون من الواجب الاستعانة بعدائي ألعاب القوى لا بلاعبي كرة القدم. لذلك يتعين على المنتخبات التمكن من الفنيات. كما أن ما يحدث لمنتخبات أمريكا الجنوبية أمر عظيم، إذ لم تُمنَ منتخباتنا إلا بهزيمة واحدة، هزيمة تشيلي ضد أسبانيا (وبعد ذلك هزيمة تشيلي ضد البرازيل)، وكان الفارق هدفا واحدا فقط. لقد كان تفوق منتخبات أمريكا الجنوبية واضحاً، وقد اعتمدت لبلوغ هذا الهدف على ما تفضله الجماهير: الفنيات والمهارات.
يُعد المنتخب الغاني آخر المنتخبات الأفريقية المتنافسة على اللقب، ما هي حظوظ هذه المجموعة من منظوركم؟
لقد ظهر المنتخب الغاني بوجه مشرف في الدورة السابقة. حيث استطاع الفوز على الكتيبة التشيكية بعد مباراة مثيرة رغم أنها كانت من كبار المرشحين. ثم انهزم ضد البرازيل 3-0، لكن المباراة كانت صعبة للجانبين. إن غانا تمتلك الآن فريقا مجربا ومنظما، يشرف عليه مدرب يعرف اللاعبين حق المعرفة. كما ازداد منتخبهم قوة بفضل مشاركو لاعبيه الشباب في مونديال تحت 20 سنة. أعتقد أن لديهم المؤهلات الضرورية لتقديم مباريات رائعة.
يدعي البعض أن المنتخب البرازيلي يعيش أجواءً شبيهة بتلك التي خيمت على الفريق تحت قيادتكم سنة 1994، هل تتفق مع هذا الرأي؟
أتصل مع بعض الأصدقاء في السيليساو، وقد أكد لي الجميع أن الأجواء جيدة، وهذا أمر مهم للغاية. إذا كان الأمر متوقفاً على المهارات فقط، ما كنا لننتظر 24 سنة قبل بلوغ مباراة النهائي. أعتقد أن الأجواء جيدة جدا في الوقت الراهن، وهذه هي اللبنة الأولى لبناء منتخب قوي. يمتلكون المهارات والتاريخ وعبء الدفاع عن القميص الوطني. إنه فريق جيد من الناحية الفنية، واحد من أقوى المنتخبات دون أي شك.
وكيف تصف تجربتك على رأس منتخب البلد المضيف؟
لقد كانت تجربة مختلفة عن التجارب الأخرى، وقد وافقت على المجيء إلى هنا لهذا السبب بالضبط. عندما وصلت، حاولوا التفاوض معي في أمر الراتب، الذي كان ضئيلا بالمقارنة مع ما يحصل عليه بعض المدربين، لكني وضعت حدا لهذا الموضوع في الاجتماع الأول، وقلت أني لم آت إلى هنا من أجل المال. لست مليونيرا، لكني في وضع مريح، وكان التحدي بالنسبة لي هو قيادة منتخب البلد المضيف. وقد اضطررت للعودة إلى البرازيل بعد 18 شهرا لأسباب شخصية. جاء بعدي جويل، واعتقدت أني لن أعود إلى هنا قط. إذ كان أداؤهم جيدا في كأس القارات، وخرجوا من الدورة برأس مرفوعة. ثم جاءت الأمور التي تعكر صفو أي مدرب، ولم يتمكنوا من إحراز الفوز في تسع مباريات ودية متتالية. وجاء إلى البرازيل ممثلو المنتخب وطلبوا مني العودة. وقد وافقت على هذا الأمر، ولا أشعر بالندم عليه. لقد رأيتم بأم أعينكم كيف أن كرة القدم قادرة على توحيد الشعوب. لقد كنت محط اهتمام الجميع، وأعتقد أننا قمنا بعمل جيد. من هنا جاء شعار "اجعلونا نفتخر"، لقد اعتاد الجمهور مخاطبتي بهذه الجملة، وقد شعرت أنه إحساس صادق وعميق، لذلك بدأت في استعمالها في الحوارات، وتطورت الأمور إلى أن أصبح ذلك شعار الكتيبة.
ما هو تقييمك إذاً لمشاركة جنوب أفريقيا في هذه الدورة؟
كنت أعلم أن جنوب أفريقيا لا تملك المؤهلات الضرورية للتتويج بكأس العالم. إذ لا يمتلكون الكثير من اللاعبين في كبريات الدوريات العالمية. رغم ذلك كان مستوى المنتخب جيدا للغاية، وقد كان الشعب سعيدا جدا بمشاركته. لقد خلفنا انطباعا جيدا، لعبنا بشكل جيد في الموقعة الافتتاحية ضد المكسيك، وضد فرنسا، وأخفقنا في مباراة صعبة ضد أوروجواي. لذلك كان انطباع الجماهير إيجابيا. سنترك الآن قاعدة للمستقبل. لم ننهزم منذ أن التحقت بالبافانا بافانا إلا أمام أوروجواي، أي مرة وحيدة في 15 مباراة متتالية. كنا نفضل التأهل بطبيعة الحال، لكننا تركنا انطباعا جيدا، وأتمنى أن يتم استغلاله من أجل تطوير كرة القدم في جنوب أفريقيا.
ما هي الرسالة التي تريد توجيها للمسؤولين عن كرة القدم في هذا البلد؟ ما هي الخطوة القادمة؟
إن الدوري المحلي منظم بشكل جيد، يمتاز بالقوة ووفرة الموارد، لكنه يعاني من غياب دوريات للفئات الصغرى. ولا يمكن تطوير كرة القدم دون هذا الأمر. إن مستقبل هذه الرياضة يحمله الأطفال، لذلك يجب الاستثمار فيهم. هذا ما نقوم به في البرازيل، وهذا هو مصدر قوة كرة القدم البرازيلية، نعمل مثل مصنع لتفريخ اللاعبين بطاقة قصوى. أعتقد أيضا أن عليهم تقليص عدد اللاعبين الأجانب في الأندية. يجب ألا يتجاوز عددهم لاعبين إذا أرادوا التألق.
هل لديك مشاريع للبقاء في عالم الساحرة المستديرة في المستقبل؟
لقد استلمت دعوات من بعض الأندية ومن منتخبين، واحد من أفريقيا وآخر من آسيا، لكني لا أريد في الوقت الراهن. لن أقوم بأي شيء داخل الملاعب المستطيلة حتى شهر ديسمبر/كانون الأول القادم. سأشرف على بعض الدورات التدريبية والدروس، وبعض الأنشطة الأخرى، لكني لا أرغب في أن أخطط للعمل يوميا ودون أن أتمكن من قضاء نهاية الأسبوع مع أسرتي.
