لا تخفى قاعدة كرة القدم الأساسية على أحد: إذا كنت تريد الفوز، يتعين عليك تسجيل الأهداف. وقد وقف أعضاء منتخب سويسرا مساء الجمعة في بلومفونتين على هذه الحقيقة المرة، لكن بعد فوات الأوان، حيث أبدع رجال أوتمار هيتسفيلد في بناء العمليات الهجومية وتفوقوا في نسبة امتلاك الكرة، لكن دون أن يتمكنوا من إيداعها في شباك هندوراس.
ونظراً لغياب النجاعة الهجومية في صفوف كتيبة بلاد الألب، انتهت المباراة بالتعادل السلبي، مما كان يعني خروج الفريقين معاً من الدور الأول لنهائيات جنوب أفريقيا 2010، علماً أن السويسريون كانوا يعلقون آمالا كبيرة على هذه المباراة، وهم الذين استهلوا المشوار بفوز مفاجئ على المنتخب الأسباني، بطل أوروبا والمرشح الأول للظفر باللقب العالمي.
شح تهديفي
مباشرة عقب الصافرة النهائية لموقعة فري ستايت، خص المهاجم السويسري هاكان ياكين FIFA بحديث حصري شرح فيه أسباب الإقصاء، حيث قال ابن الثالثة والثلاثين: "ماذا كان ينقصنا اليوم؟ الأهداف، بكل بساطة. كان كل شيء يسير على أحسن ما يرام، إلا أن كل شيء كان يذهب في مهب الريح عندما كنا نبلغ الأمتار الأخيرة. لقد دفعنا ثمن تخاذلنا أمام المرمى. إننا نشعر بحسرة كبيرة، لأننا كنا نريد الفوز بفارق هدفين وتحقيق التأهل. لكن الحظ عاكسنا للأسف الشديد."
لكن يبدو أن نظرية "مؤامرة الحظ" لم تجد من يدعمها بشكلٍ كافٍ داخل صفوف كتيبة الألب، حيث أكد المدرب أوتمار هيتسفيلد في حديث حصري لموقع FIFA.com أنه كان يتوقع أداء أفضل من لاعبيه، وبخاصة في الخط الأمامي: "لقد أمضينا وقتاً طويلاً ونحن نعاني من قلة التركيز أمام مرمى الخصم. إننا نفتقد للتركيز عند التسديد نحو الشباك."
وبالفعل، فقد استفاد كل من بليز نكوفو وإيرين ديرديوك من كرات على طبق من ذهب على امتداد دقائق المباراة التسعين، حيث شكل ترانكويلو بارنيتا منبعاً لا ينضب من التمريرات الدقيقة المتقنة. وبعد دخول ألكسندر فراي إلى أجواء المباراة، وجد ابن الثلاثين ربيعاً نفسه في وضعية مثالية لافتتاح التسجيل، إلا أنه أخطأ الشباك أكثر من مرة.
وبينما كانت الكتيبة السويسرية ناجحة في الإختراق من الجناحين، فإنها فشلت على مستوى إتمام العمليات، وهو ما أكده بارنيتا بحسرة كبيرة في حديثه الحصري مع FIFA: "لقد افتقدنا للمسة الأخيرة. وبمثل هذا الأداء، أعتقد أننا لا نستحق أن نذهب إلى ثمن النهائي."
بيد أنه يجب الإشارة إلى أن المشاكل الهجومية في المنتخب السويسري ليست وليدة اليوم، إذ كانت إصابة ماركو ستريلر سبباً في تبعثر أوراق هيتسفيلد، وهو الذي كان يعلق آمالا كبيرة على حضور ابن التاسعة والعشرين ضمن التشكيلة الأساسية في جنوب أفريقيا. وكان الكل يتوقع عودة فراي إلى سابق عهده والإضطلاع بدور محوري في قيادة الخط الأمامي، إلا أنه عانى من بعض مشاكل اللياقة هو الآخر.
عبء ثقيل
بعد تفجير المفاجأة أمام أسبانيا (1-0) والتربع على عرش المجموعة منذ اليوم الأول، اعتقد بعض المراقبين أن الغرور قد نال من أعضاء الكتيبة السويسرية. إلا أن بارنيتا ينفي ذلك جملة وتفصيلاً، رغم أنه لم يجد تفسيراً للهزيمة أمام تشيلي في المباراة الثانية، حيث أوضح قائلاً: "لقد كان أمراً يستعصي على الفهم."
من المؤكد أن الخسارة على يد أبناء مارسيلو بييلسا نزلت كالصاعقة على كتيبة هيتسفيلد، بعدما كان الداهية الألماني ينوي حسم أمر التأهل في الجولة الثاني، دون الحاجة إلى الخوض في الحسابات الضيقة خلال آخر أيام الدور الأول. إلا أن السقوط خلط الأوراق وقلب الموازين، مما حتم على المدير الفني المحنك استنفاذ جميع طاقاته التكتيكية وإخراج جميع أوراقه الرابحة في مباراة اعتبرها المراقبون "مسألة حياة أو موت".
لكن إخفاق أبناء جبال الألب في هز شباك أضعف منتخبات المجموعة الثامنة يضعنا أمام خلاصة واحدة ممكنة، حيث بدا جلياً أن رفاق بارنيتا يتألقون في مواجهة الفرق التي تبادر إلى الهجوم، لا أمام المنتخبات التي لا تعير اهتماماً للكرة أو الأهداف. وبمعنى آخر، تكمن قوة سويسرا في الهجوم المضاد لا في الهجوم المبني من خلال تنسيق وعمل جماعي.
وقد يقول قائل أن شباك كتيبة هيتسفيلد لم تستقبل سوى هدفاً يتيماً في المونديال الأفريقي، إلا أنها في المقابل لم تسجل إلا هدفاً واحداً كذلك، لا أقل ولا أكثر. فهل ثمة دليل أفضل من هذا لتفسير الخروج من الدور الأول؟
